• الروبية بدلا من الدولار في التعاملات بين الهند والإمارات

الروبية بدلا من الدولار في التعاملات بين الهند والإمارات

(الحرة)

شارك هذا الخبر

فتحت الهند صفحة جديدة في العلاقات الاقتصادية مع الإمارات باتفاق وقعته، يسمح بتسوية المعاملات التجارية باستخدام الروبية الهندية والدرهم الإماراتي بدلا من الدولار. وأفاد تقرير نشرته وكالة أنباء رويترز أن هذه الخطوة تأتي ضمن "جهود الهند لخفض تكاليف المعاملات عبر الاستغناء عن التحويلات بالعملة الأميركية".

ووقعت الاتفاقية خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، إلى الإمارات، السبت، حيث اتفق البلدان أيضا على إنشاء رابط للدفع الفوري لتسهيل تحويل الأموال عبر الحدود.

وقعت الهند اتفاقية مع الإمارات تسمح لها بتسوية المعاملات التجارية بالروبية بدلا من الدولار، مما يعزز جهود الهند لخفض تكاليف المعاملات عبر الاستغناء عن التحويلات بالعملة الأميركية.
ويؤكد محللون اقتصاديون تحدثوا إلى موقع "الحرة" أن هناك إقبالا متزايدا لدى بعض الدول على استخدام عملات محلية بدلا من الدولار، معتبرين أنها تدخل ضمن "نظام المقايضة"، خاصة وأن التعامل بالعملات المحلية سيبقى "محدودا بين طرفين" وأن ذلك "لا يعني في أي حال من الأحوال أنها أصبحت عملة للتبادلات التجارية على نطاق دولي".

ولم ينف المحللون إمكانية استخدام هذه الآلية في التعامل كوسيلة للتهرب من العقوبات المفروضة على "النفط الروسي"، إذ قد "تصبح الإمارات أشبه بمقاصة للتعامل في التحويل بين الروبية الهندية والروبل الروسي"، على حد تعبيرهم، فيما أشار محللون إمارتيون إلى أن "المخرج الهندي الإماراتي ربما يكون طوق النجاة للورطة الروسية من وحل الحرب الأوكرانية".

الأكاديمي الخبير الاقتصادي ، عبدالرحمن نجم المشهداني، قال: "عدد محدود من الدول بدأت في التعامل بنظام المقايضة في التبادلات مع دول أخرى، والتي معظمها تستخدم الدولار كعملة أساسية للتبادل".

وأضاف المشهداني، وهو أستاذ في العلاقات الاقتصادية الدولية، لموقع "الحرة" أن هذا النوع "من التبادلات التجارية أو المقايضة لها سقوف، ولها شروط أهمها أن تكون متكافئة، إذ أن استخدام الدولار يتم لسهولة التعامل به مع الدول الأخرى، ولكن في حال التبادل بعملات محلية قد لا تجد لها طريقة للتصريف والاستخدام على الصعيد الدولي".

وأوضح أن "مثل هذه الخطوات تقوي العملة المحلية، ولكن يجب ألا تكون الفروقات في الميزان التجاري كبيرة، حتى لا يتسبب في تراكم العملة المحلية لدى دولة أخرى، والتي قد يؤدي طرحها للصرف في السوق خللا في أسعارها".

ولم يستبعد المشهداني أن يحدث "التفاف على العقوبات الدولية المفروضة على المنتجات الروسية، إذا ما نظرنا للصورة الأشمل، بتواجد حلقة تعامل هندية إماراتية روسية"، خاصة وأن الهند، في الوقت الحالي، من أبرز المستوردين للنفط الروسي.

وأشار إلى أن نجاح هذه العملية يرتبط بتكافؤ حجم التبادلات التجارية بين هذه الأطراف، وبالنهاية قد تحتاج إلى "فرصة لتصريفها لإحدى عملات التبادل الأساسية".


أكدت أربعة مصادر مطلعة لرويترز أن شركات التكرير الهندية بدأت في دفع ثمن معظم النفط الروسي الذي تشتريه من خلال شركات تجارة تتخذ من دبي مقرا بالدرهم الإماراتي بدلا من الدولار الأميركي.
وبلغ حجم التجارة الثنائية بين الهند والإمارات 84.5 مليار دولار، في السنة المالية من أبريل عام 2022 إلى مارس عام 2023، بحسب رويترز.

وتقيم الإمارات، التي تضم جالية هندية كبيرة، علاقات وطيدة مع نيودلهي، خصوصا على صعيدي التجارة والطاقة.

الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، قال إن "الهند ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، ولهذا (فإن) الاتفاق مع الإمارات يعزز التبادل التجاري، خاصة فيما يرتبط بالنفط الخام".

ويعتقد في رد على استفسارات "الحرة" أن الإمارات "تنظر للهند كقوة اقتصادية صاعدة مهمة قد تنافس الصين في مرحلة لاحقة، لهذا ستكون من أهم المستوردين لمنتجات الطاقة".

ويرى النحاس أنه لا يمكن النظر لهذا الاتفاق بالتعامل بالروبية الهندية بين البلدين بعيدا عن تواجد طرف ثالث مثل روسيا "إذ أن هناك محاولات ضغط على الهند من أجل الحد من مستوردات النفط الروسي، وفي الوقت ذاته روسيا تريد تحقيق الإيرادات، ولضمان ذلك قد يكون الحل عبر بوابة الإمارات".

وأضاف أن الإمارات بالموانئ الهامة التي تمتلكها قد تصبح "منصة لاستلام وتسليم النفط الروسي، كما ستصبح دولة مقاصة بين الروبية الهندية والروبل الروسي" ما قد يشكل نوعا من "التهرب أو التحايل على العقوبات الدولية".

وأشار النحاس إلى أن الإمارات تقع في القائمة الرمادية للدول المتهمة بغسيل الأموال، ولكن فرض أي عقوبات عليها يرتبط بشكل كبير بالحالة السياسية للدول الغربية، متوقعا أن رئيس الوزراء الهندي، مودي، ربما "أخذ الضوء الأخضر على هذا النوع من التبادل التجاري خلال زيارته لواشنطن الأخيرة، في أواخر يونيو الماضي".

يذكر أن الإمارات واجهت خطرا متزايدا بإدراجها في قائمة مجموعة العمل المالي الدولية المعروفة باسم "القائمة الرمادية" للبلدان التي تخضع لمزيد من الرقابة بسبب أوجه القصور في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، رغم الجهود الحكومية للتصدي للعمليات غير المشروعة، بحسب تقرير سابق لوكالة "بلومبيرغ".

في المقابل، أكد وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، أحمد الصايغ، لصحيفة فاينانشال تايمز "أخذنا التوصيات وبدأنا في التغيير".

وقال حامد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي الإماراتي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في بيان حينها عبر تويتر "تنظر دولة الإمارات إلى دورها الريادي في حماية سلامة النظام المالي العالمي بجدية بالغة. ومع ازدياد حجم الجرائم وزيادة تعقيدها، ازداد أيضا وعي دولة الإمارات وفهمها للآليات التي يتم بها هذا النوع من الجرائم".

وأشار أيضا إلى أنه "لهذا السبب، تلتزم دولة الإمارات باتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة الجرائم المالية، ويعمل المكتب التنفيذي بلا كلل على تعزيز وتطبيق آليات الدفاع الداخلية للدولة ضد غسل الأموال وتمويل الإرهاب".


الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي، علي الشعيبي، قال إن "العلاقات الإماراتية ليست وليدة ظروف جيوسياسية أو أزمات سياسية طارئة أو تقلبات تتصدع فيها أمزجة السياسات الدولية، ولكنها علاقات ضاربة في القدم عندما كانت الهند درة التاج البريطاني.. فهناك علاقات تجارية واستثمارات وعمالة مليونية تخدم في كل القطاعات".

وأضاف في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن "الإمارات رقم هام وصعب في المعادلة الدولية وقبة الميزان لتعديل أو تصحيح مسار العلاقات، وهي بلا شك لاعب دولي من خلال علاقاتها بالقوة العظمى الأولى: الولايات المتحدة، وكذلك علاقاتها بالصين"، مشيرا إلى أن سياسة الإمارات تنطلق من مساعي "إيجاد توازن استراتيجي يحقق لها أمنها على مستوى الإقليم في ظل التجاذبات الدولية".

وفيما يتعلق بالمخاوف من استغلال اتفاق التبادل التجاري بين البلدين للتهرب من العقوبات الدولية على النفط الروسي، قال الشعيبي: "ربما تكون الهند والإمارات نقطة ارتكاز ومخرجا لروسيا من العقوبات، بعد أن تبين أن الحرب الأوكرانية اتسع رتقها وغدت عصية على الحل، ولهذا فإن المخرج الهندي الإماراتي ربما يكون طوق النجاة للورطة الروسية من وَحْل الحرب الأوكرانية".

من جانبه، قال الكاتب السياسي الإماراتي، أحمد إبراهيم، إن التقارب الاقتصادي الإماراتي الهندي وتوقيع اتفاقات لها علاقة بالتبادل التجاري بالعملات المحلية تأتي تلبية لمتطلبات "التماهي مع تيار التغييرات" التي تطرأ على الساحة العالمية "وهي استمرار أيضا لعلاقات قديمة بين البلدين".

وأشار في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "العملة الهندية ليست غريبة للتداول بها داخل الإمارات، إذ استخدمت سابقا في السوق المحلية قبل نشأة المصرف المركزي الإماراتي".

ويؤكد إبراهيم أن التعامل بالعملات المحلية بين البلدين سيحدث نوعا من "التكامل الاقتصادي بين البلدين"، منوها إلى تواجد جالية هندية كبيرة في الإمارات.

ويرى أننا أمام نوع جديد من "التحالفات الاقتصادية التي تعزز العلاقات والسلام بين جميع الدول".


تستعين شركات النفط الروسية بـ"أسطول أشباح" من سفن النقل، نما بشكل غامض بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا وبعد فرض عقوبات على موسكو ونفطها. وتشير فايننشال تايمز في تقريرها إلى غاتيك شيب مانجمنت التي تحولت من شركة شحن هندية غير معروفة إلى واحدة من أكبر مالكي السفن في العالم.
وكانت تقارير إعلامية دولية انتقدت فتح الإمارات أبوابها أمام "الأوليغارش المقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الهاربين من العقوبات الدولية التي فرضت عليهم" بعد الحرب التي شنتها موسكو على أوكرانيا.

المحلل السياسي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، قال في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز "إنه إذا لم تنتهك الإمارات أي قوانين دولية، فلا ينبغي لأحد أن يلوم البلاد أو أي دولة أخرى على محاولة استيعاب ما قد يأتي بطريقة مشروعة".

وأضاف "ما هو الأمر الجلل؟" من ذلك، متسائلا "لا أفهم لماذا يشتكي الغرب من ذلك؟".

ونقلت نيويورك تايمز عن رجل أعمال روسي لجأ إلى دبي رفض الكشف عن اسمه "لا أحد يريد أن يقبلك باستثناء أماكن مثل دبي.. لا مشكلة أن تكون روسياً في دبي".


قال تقرير نشرته صحيفة الغارديان إن دبي "فتحت أبوابها" أمام الأثرياء المقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الهاربين من العقوبات الدولية التي فرضت عليهم عقب الهجوم الذي شنته موسكو على أوكرانيا.

ونقلت رويترز، الجمعة، عن مسؤول مطلع على التفاصيل القول إن الهند قد تنفذ أولى عمليات التسوية بالروبية مقابل النفط الإماراتي مع شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك".

وقال بنك الاحتياطي الهندي إن البنكين المركزيين اتفقا على ربط واجهة المدفوعات الموحدة "يو.بي.آي" الهندية بمنصة المدفوعات الفورية "آي.بي.بي" الإماراتية.

وأكد محافظ المصرف المركزي الإماراتي، خالد محمد بالعمى، أن مذكرات التفاهم بين الإمارات والهند "ستمكن المتعاملين من الوصول إلى خدمات الدفع المتوفرة في البلدين بكل سهولة.. ويعزز العلاقات الثنائية ويدعم الشراكة الاقتصادية الشاملة"، بحسب تقرير نشرته صحيفة "البيان".

وشرح أن الاتفاق يحدد الإجراءات "لتسهيل إمكانية تسوية المعاملات التجارية بالعملتين المحليتين للبلدين من خلال الدرهم الإماراتي والروبية الهندية وفق ما يتم الاتفاق عليه بين المستورد والمصدر، حيث يحدد هذا الإطار نوعية المعاملات المؤهلة، وإمكانية فتح واستخدام الحسابات المراسلة بشكل بيني لفائدة المؤسسات المالية في البلدين، والتشجيع على تسعير سعر الصرف بين العملتين المحليتين بشكل مباشر، وخيارات إدارة السيولة، وذلك وفق ما تسمح به القوانين والتشريعات الخاصة في كل دولة".

وأشار التقرير إلى أنه سيتم دعم التطبيق التدريجي لهذه الإجراءات، والتي تهدف بمجملها إلى "تعزيز استخدام العملات المحلية في تسوية المعاملات التجارية إلى تطوير سوق الصرف، وتسهيل التجارة البينية، والاستثمار المباشر، وتسوية التحويلات المالية، والارتقاء بالسوق المالي، ودعم النمو الاقتصادي والاستقرار المالي في البلدين".


ويرجح الأكاديمي المشهداني أن هذه الاتفاقات البينية لا تؤثر على هيمنة الدولار على التجارة العالمية، حيث تتم أكثر من 80 في المئة منها باستخدامه، وهو العملة الأكثر نسبة بين احتياطي العملات الأجنبية لدى البنوك المركزية حول العالم.

ويرى أن "أثر هذه الاتفاقات بالتبادل التجاري بين الإمارات والهند بالعملة المحلية لن يؤثر على الدولار، خاصة وأن البضائع والمنتجات نفسها أسعارها مقومة بالدولار الأميركي أصلا".

وزاد المشهداني أن استمرار التعامل بالروبية الهندية مع الإمارات يرتبط بشكل أساسي باستمرار استقرار أسعار صرفها أمام العملات الأجنبية، إذ أن التقلبات المتطرفة ستخلق نوعا من عدم الاستقرار في التعامل.

ورغم توفر نحو 180 عملة حول العالم، فإن عددا محدودا منها يتم استخدامه على نطاق واسع في التعاملات الدولية، التي يتربع على عرشها الدولار الأميركي، وبدرجة أقل عملات أخرى، مثل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني، وفق بيانات دولية.


ويهيمن الدولار "على النظام المالي العالمي والتجارة العالمية"، فيما يرجح استمرار احتفاظه بـ"الهيمنة كعملة للاحتياطي" الأجنبي في الدول المختلفة حول العالم، بحسب بيانات نشرتها دراسة لصندوق النقد الدولي.

ويتفق الخبير الاقتصادي النحاس مع المشهداني، قائلا: "حتى الآن لا يتوفر بديل مناسب عن الدولار في التبادلات التجارية".

وأشار إلى أن هناك محاولات من قبل بعض الدول والتحالفات لاستعمال عملات محلية أو موحدة في التبادل التجاري، ولكن هذا الأمر يبقى محدودا جدا إذا ما تم قياسه كنسبة من إجمالي التبادلات حول العالم، والتي يهيمن عليها الدولار.

وتشير بيانات وزارة الخزانة الأميركية إلى أن حصة الدولار من "الاحتياطيات لا تزال ذاتها منذ ثلاثة عقود.. وبقيت أعلى من 50 في المئة" من مجمل الاحتياطيات الأجنبية حول العالم.

وتشير دراسة أعدها مركز الأبحاث التابع للكونغرس الأميركي إلى أن هناك ثلاثة تحديات لاستمرار هيمنة الدولار والتي من أبرزها تصاعد دور الصين في الاقتصاد العالمي، والتي تحاول تعزيز استخدام عملتها بشكل أوسع عما هي عليه.

وتضيف أن التحدي الثاني هو "العقوبات المالية الأميركية" والتي تستفيد الولايات المتحدة منها على الصعيد السياسي، ولكن الخزانة الأميركية حذرت في أوقات مختلفة من أن الاستخدام المكثف للعقوبات المالية قد يهدد الدور المركزي للدولار والنظام المالي الأميركي، إذ أنه يدفع بعض الدول للبحث عن أنظمة أخرى لتقليل اعتمادهم على الدولار.


كيف يتحكم الدولار الأميركي بالنظام المالي العالمي؟
هل خطر ببالك أن تسأل ماذا تعني كلمة "دولار"؟ العملة الأشهر في العالم، حتى أن دراسة وصفتها بـ "اللغة المشتركة" في اقصاد العالم.
أما التحدي الثالث، فهو ظهور العملات الرقمية والتي أوجدت أسواقا خاصة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تدرس إنشاء سلة عملات رقمية أميركية تدعم الحفاظ على مكانة الدولار في المدفوعات الدولية.

وفي عام 2020، أكدت دراسة لصندوق النقد الدولي أنه "لا تتواجد أي مؤشرات على حدوث تغييرات كبيرة في تكوين عملات الاحتياطي لدى البنوك المركزية.. هناك أجواء كثيفة من عدم اليقين تكتنف الاتجاهات العامة الاقتصادية والمالية حول العالم".

وأضافت أن البنوك المركزية قد تعيد النظر في تكوين الاحتياطيات وفي كيفية حيازتها في المستقبل، خاصة في ظل ظهور المنصات التقنية المتقدمة التي تستخدمها "العملات الرقمية"، ولكنه يتوقع أن يحافظ "الدولار على هيمنته كعملة للاحتياطيات" الأجنبية.

آخر الأخبار
GMT

آخر الأخبار
GMT